تلقت إمدادات دول شمال أوروبا ومنطقة البلطيق ضغوطًا إضافية بتأجيل تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد “رينهالس 4” حتى مطلع العام المقبل (2023)؛ ما يعمّق أزمة الطاقة التي تهدد القارة العجوز بأسرها، وفق تقرير نشرته منصة “طاقة”.
وأرجعت الشركة المشغلة للمفاعل السويدي تأجيل استئناف تشغيله إلى أعمال الصيانة وظهور أعطال جديدة قد تتطلب بناء مرافق جديدة، وفق ما أوردته رويترز أمس الثلاثاء 13 سبتمبر/أيلول.
ولم تقف حدود تأثير عدم تشغيل المفاعل عند الإضرار بالطلب السويدي على الكهرباء فقط؛ وإنما امتدت إلى الدول المجاورة، وأبرزها فنلندا التي قُطعت عنها إمدادات الغاز الروسي في مايو/أيار الماضي، وكانت تعوّل على الكهرباء السويدية لتعويض فارق الإمدادات، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
المفاعل السويدي
تؤدي الكهرباء السويدية دورًا مهمًا في تغذية الدول الأوروبية بالإمدادات اللازمة، ويُنظر إلى ستوكهولم بصفتها مُصَدّر الكهرباء الرئيس للقارة الأوروبية وألمانيا، بخلاف دورها المحوري لتزويد دول الشمال الأوروبي ومنطقة البلطيق بالإمدادات.
ويأتي إعلان شركة “فاتنفال” للطاقة أمس الثلاثاء- تأجيل تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد “رينهالس 4” حتى نهاية شهر يناير/كانون الثاني من العام المقبل (2023) بمثابة ضربة جديدة لتلك الدول.
ويشير ذلك إلى أن دول الشمال الأوروبي ودول منطقة البلطيق تواجه تهديدًا جديدًا خلال فصل الشتاء المقبل يُضاف إلى غياب الغاز الروسي عنها للمرة الأولى منذ سنوات.
وقررت شركة الطاقة والمرافق تمديد استئناف تشغيل المفاعل حتى 31 يناير/كانون الثاني من العام المقبل (2023)، لمواصلة عمليات الإصلاحات الطارئة التي تتطلب وقتًا أكثر مما سبق وتوقعته الشركة.
وأضافت فاتنفول أنه يجب الانتهاء من الإصلاحات غير المتوقعة وإتمام الإجراءات السنوية للصيانة قبل تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد “رينهالس 4”.
الضرر وخطة الإصلاح
كان من المقرر تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد نهاية نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري (2022)، حسبما أعلنت فاتنفول في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، غير أنها رصدت وجود أضرار خلال اختبار جدوى الإصلاحات تسببت في استمرار إغلاق الوحدة ذات القدرة المركبة البالغة 1 غيغاواط و130 ميغاواط.
ووفق التوقعات، قد يتطوّر الأمر إلى اضطرار فاتنفول إلى بناء نموذج تجريبي بطول 12 مترًا لهيكل وعاء الضغط المشع المصاب بالضرر في محطة “رينهالس” النووية قبيل بدء الإصلاحات.
وتستخدم المحطة النموذج التجريبي لاختبار طرق العمل والعناصر والأدوات الخاصة لإجراء عملية تنظيف وعاء الضغط المشع وتركيب القطع الجديدة.
ويبدو أن لإمدادات المحطة تأثيرًا مهمًا في تزويد المناطق المحلية بالكهرباء، بخلاف إسهامها في الصادرات إلى الدول المجاورة.
وأشار مسؤول التشغيل بشبكات وأنظمة الكهرباء في الشبكة الوطنية السويدية المعروفة باسم “سفينسكا كرافتنات”، بونتوس دي ماري، إلى أن استمرار تعطُّل محطة الطاقة النووية في السويد “رينهالس” خلال فصل الشتاء يدفع نحو زيادة معدل الاستيراد من 36 ساعة إلى 149 ساعة.
وكشف عن أنه بخلاف ارتفاع الأسعار قد يزيد إرجاء التشغيل المعلن مؤخرًا من مخاطر نقص الكهرباء والانقطاعات لا سيما بالجنوب.
التأثير الأوروبي
تتزامن خطط الإرجاء مع توقيت بالغ الأهمية للقارة الأوروبية في ظل ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات ومحاولات توفيرها قبل فصل الشتاء وزيادة الطلب على التدفئة.
وبدوره، أكد محلل أسواق الكهرباء في شركة “فولو” النرويجية تور راير ليللي هولت، أن إرجاء تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد من شأنه زيادة الأزمة سوءًا، خاصة في جنوب السويد الذي يعاني ارتفاعًا قياسيًا في أسعار الكهرباء.
وأضاف أن استمرار إغلاق مفاعل “رينهالس 4” وتعطله في إنتاج الكهرباء قد يمتد تأثيره إلى أسعار الإمدادات في البلدان القريبة من السويد، مضيفًا أن برودة الطقس المتوقعة خلال فصل الشتاء يزيد من حدة الأمر لا سيما في ظل صعوبة تعويض الإمدادات السويدية.
وبالنظر خارج حدود ستوكهولم، يشكّل عدم تشغيل مفاعل الطاقة النووية في السويد ضربة إلى فنلندا التي كانت تستورد جانبًا من إمدادات الكهرباء من السويد، ومع توقعات برودة الطقس في الشتاء وغياب الغاز الروسي الذي كان يُسهم بنسبة 10% من الاستهلاك الفنلندي يتضاعف تأثير غياب “رينهالس 4”.
ووصف الرئيس التنفيذي لمشغل شبكة الكهرباء في فنلندا جوكا روسونين، تطورات استمرار تعطل المفاعل السويدي بأنها “أخبار سيئة لبلاده” التي تستورد كميات كبيرة من إمدادات الكهرباء السويدية.