تقع مدينة براغ، عاصمة جمهورية التشيك، في قلب أوروبا، وتعتبر واحدة من أجمل المدن في العالم. تاريخها العريق، ومناظرها الخلابة، ومعالمها السياحية الرائعة، تجعل منها وجهة لا تقاوم لمحبي الثقافة والفن والتاريخ.
التجول في شوارع براغ متعة حقيقة، يخال للمرء في الكثير من الأحيان أنه يتجول داخل متحف كبير، يستوقفك هذا العمران الهائل البديع بدقته ونقوشه، المطر وهو يغسل الأزقة والشوارع الضيقة، التماثيل الحجرية هائلة الحجم وهي تحاكي المارة بهيبة لا تُقهر، نهر فلتافا وهو يحتضن العبارات والقوارب بمودة، الحياة التي تدب في المدينة ليلاً ونهاراً. أضواء المدينة في الليل تضيف سحر ألف ليلة وليلة على مباني المدينة التاريخية الشاهقة، وكأنها تنشد ترانيم تاريخها وتسرد للمارة عراقة بنيانها.
لا يمكن السير في شوارع براغ دون الوقوف بين الحين والأخر للتمعن في هذا السحر الخرافي والتمتع بهذه النقوش البديعة والشموخ الذي لا يُقاوم. صدقاً قال محمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.
مزيج هندسي رائع
تلخص بنايات براغ التاريخية الشاهقة التي تعود للقرون الوسطى، مزيجاً بين الهندسة المعمارية القوطية والباروكي مع الفن الحديث. من القلعة القديمة التي تطل على المدينة، إلى جسر تشارلز الساحر الذي يربط ضفتي نهر فلتافا، تأخذك براغ في رحلة عبر الزمن لتشعر بروح الماضي العريق.
ورغم أن براغ شكلت أهمية استراتيجية للغزاة الألمان، حيث احتلتها القوات النازية في عام 1939 خلال الحرب العالمية الثانية وأصبحت مركزاً مهماً للإدارة الألمانية في المنطقة، إلا أنها نجت بشكل كبير من الدمار على عكس ما شهدته أوروبا، ما ساهم في الحفاظ على معالمها التاريخية الرائعة حتى يومنا هذا.
جسر تشارلز وقلعة براغ
يُعتبر جسر تشارلز، الذي يربط بين ضفتي نهر فلتافا، واحدًا من أجمل المعالم السياحية في براغ. كما أن مناظر المدينة من فوق تلالها تتيح للمرء رؤية بانورامية رائعة تجسد جمالها وسحرها.
تُعد قلعة براغ واحدة من أكبر القلاع في العالم، وتضم بداخلها كاتدرائية سانت فيتوس الشهيرة. تتميز الكاتدرائية بنوافذها الزجاجية الملونة وتصميمها المعماري القوطي البديع، وهي مكان لا يمكن تفويته عند زيارة المدينة، حيث تقف طوابير طويلة جداً من الزوار الذين ينتظرون دورهم للدخول الى القلعة وزيارتها أو الى الكاتدرائية التي تتميز ببناء ساحر يفوق الوصف.
طبيعة خلابة
ليست براغ مجرد تجمع من البنايات التاريخية الرائعة، بل تتمتع ايضاً بطبيعة خلابة وبساطة بناءها وشعبها الودود، كما أنها تزخر أيضًا بالحدائق والمتنزهات التي توفر ملاذًا هادئًا بعيدًا عن صخب المدينة.
من بين أبرز المعالم السياحية في براغ، ساحة البلدة القديمة التي تحتضن ساعة براغ الفلكية الشهيرة، والتي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدة عرضها الميكانيكي الفريد. الساحة التي تكون مكتظة بالناس في جميع الأوقات، تقدم ايضاً عروضاً موسيقية راقصة، فيما تزدحم المطاعم والكافتيريات الموجودة حول السياح بحركة السياح ولهفتهم لتذوق الأطباق التشيكية التقليدية مثل “سفيتشكوفا” (لحم بقري مع صلصة كريمية)، و”جولاش” (حساء اللحم مع الفلفل الحلو)، و”ترادلك” (معجنات محشوة بالسكر والقرفة)، وبالتأكيد تناول الجعة التشيكية الشهيرة بطعمها.
لا يمكن زيارة براغ دون المرور بمتحف فرانز كافكا، الكاتب الذي وُلد في هذه المدينة واستمد منها الكثير من إلهامه.
لم يكن الأديب العراقي محمد مهدي الجواهري بعيدًا عن سحر براغ، ومكانه المفضل في مقهى سلافيا وسط براغ والذي لا يبعد سوى عدة أمتار عن نهر الفلتافا.
كتب الجواهري الذي قضى نحو ثلاثة عقود من الزمن في براغ أهم قصائده وكتاباته في هذا المقهى، ومن بين ما قاله الجواهري في براغ:
أعلى الحسن ازدهاء وقعت
أم عليها الحسن زهوا وقعا
وسل الجمال هل في وسعه
فوق ما أبدعه أن يبــــدعا