SWED24: في وقت تعيش فيه السويد واحدة من أكثر الفترات تحدياً اجتماعياً، تؤكد الجهات المختصة أن الوحدة باتت أزمة صحية عامة تؤثر على شريحة واسعة من السكان، سواء من كبار السن أو من فئات الشباب.
تشير آخر التقارير الصادرة عن هيئة الصحة العامة السويدية إلى أن واحداً من كل خمسة أشخاص يشعر بالوحدة، في حين ترتفع النسبة إلى واحد من كل أربعة بين من تجاوزوا سن الستين. وتؤكد البيانات أن هذه الظاهرة ليست مقتصرة على السويد فحسب، بل تُلاحظ في معظم أنحاء أوروبا، مع اختلافات طفيفة في النسب والمسببات.
ترتبط الوحدة ارتباطًا وثيقًا بتدهور الحالة النفسية والجسدية، كما أنها تزيد من احتمالية ظهور أفكار انتحارية وارتفاع معدلات الوفاة.
ويشير تقرير منطقة ستوكهولم للصحة العامة إلى أن الوحدة يمكن أن تكون سببًا للمرض أو نتيجةً له، مما يجعلها واحدة من أعقد الظواهر الاجتماعية والصحية في آن واحد.
الدعم النفسي: أحياناً يكون الزائر الوحيد
مارغريتا لوندغرين، وهي متطوعة في مجال الرعاية النفسية، تعمل كمرافقة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل عقلية أو عزلة اجتماعية شديدة. في حديثها لوسائل الإعلام، تؤكد أن: “الكثير من الأشخاص لا يملكون أحدًا ليتحدثوا معه. بالنسبة للبعض، أكون الزائرة الوحيدة في حياتهم”.
مارغريتا لا تكتفي بمجرد الدعم النفسي الرسمي، بل تحرص على بناء علاقة إنسانية مع من تلتقيهم، تتضمن تناول القهوة، الحديث عن الحياة، الأدب، وحتى مشاركة تجاربها الشخصية. وتقول: “أحاول أن أكون جزءًا من واقعهم، لا مجرد مرافقة. أوضح لهم أن الحياة ليست مليئة بالبهجة اليومية، بل هناك الكثير من العادية التي يجب أن نحتضنها أيضاً”.
مبادرات محلية لمحاربة الوحدة
في مواجهة هذه الظاهرة، اتخذت الحكومة خطوات عملية، منها إطلاق شبكة شركات لمكافحة الوحدة غير المرغوب بها.
من بين المشاركين، شركة العقارات Einar Mattsson، التي دخلت في شراكة مع منظمة Mamma United في منطقتي هيولستا وفوربيري، لدعم الأمهات، لا سيما الوافدات الجدد من خلال إنشاء مساحات اجتماعية تساعدهن على بناء صداقات وشبكات دعم.
يقول مارتن فورس، مدير العقارات في الشركة: “النساء المشاركات غالباً لا يعرفن أحدتً في البداية. لكن مع مرور الوقت، يُنشئن صداقات حقيقية ويشاركن في لقاءات مع مختصين من مجالات الصحة، والخدمات الاجتماعية، والبنوك وغيرها”.
ويضيف: “عندما يشعر السكان بالانتماء، تصبح الأحياء أكثر استقراراً، ويحرص الناس على العناية بمنازلهم، وغرف الغسيل، والمساحات المشتركة”.
من هم الأكثر عرضة للوحدة؟
بحسب هيئة الصحة العامة، هناك عوامل محددة تزيد من خطر الشعور بالوحدة، منها:
لدى كبار السن:
- العيش بمفردهم
- قلة الأنشطة الاجتماعية
- مشاكل صحية أو الاكتئاب
لدى الشباب:
- مشاكل نفسية وجسدية
- علاقات عائلية متوترة
- التنمّر
- تغيّرات حياتية مثل دخول الجامعة أو التجنيد
ورغم الصورة النمطية بأن “السويديين هم الأكثر وحدة في العالم”، إلا أن الإحصاءات تُظهر أن مستوى الشعور بالوحدة أعلى في بلدان جنوب أوروبا، بينما ترتكز الصورة السائدة في السويد على ارتفاع عدد من يعيشون بمفردهم وليس بالضرورة شعورهم بالانعزال.
الوحدة قد تكون غير مرئية، لكنها تؤلم بعمق، وتُضعف الصحة، وتقلل من جودة الحياة. والحل، كما تقول مارغريتا، لا يحتاج دائمًا إلى مؤسسة أو برنامج رسمي، بل ربما يبدأ بمكالمة، بزيارة، أو ببساطة: استمع بقلبك.