SWED 24: نشرت صحيفة “يوتوبوري بوسطن” السويدية، مقالاً مطولاً مساء اليوم الجمعة، وصفت فيه سوريا بأنها المركز العالمي لإنتاج حبوب الكبتاغون المُخدرة، التي توصف بأنها “مخدر الجهاد” و “كوكايين الفقراء”.
وجاء في المقال: وسط الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط، برز الكبتاغون كواحد من أكثر المخدرات تأثيرًا وانتشارًا في المنطقة، حيث حوّل سوريا إلى مركز عالمي لإنتاجه وتجارته. يُعرف هذا المخدر بعدة ألقاب، أبرزها “مخدر الجهاد” و”كوكايين الفقراء”، نظراً لتأثيره واسع النطاق بين فئات مختلفة من المجتمع.
وانتشرت، مؤخراً مقاطع فيديو تزعم أن مقاتلي هيئة تحرير الشام (HTS) اكتشفوا كميات كبيرة من أقراص الكبتاغون المخدرة، مع تصريحات بأنهم يخططون لتدميرها. ووفقًا لتقارير إعلامية من وكالتي AFP وThe Guardian، اصطحبت هيئة تحرير الشام صحفيين إلى مستودع ضخم، حيث كانت الأقراص المخدرة مخبأة داخل أجهزة إلكترونية بهدف تهريبها.
وقال أحد مقاتلي الهيئة، أبو مالك الشامي، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام:”وجدنا كميات كبيرة من الأجهزة المعبأة بأقراص الكبتاغون، التي كانت معدة للتهريب خارج البلاد. هذه كمية هائلة بالفعل”.
سوريا: مركز إنتاج الكبتاغون عالميًا
تحوّلت سوريا إلى أكبر منتج عالمي للكبتاغون، حيث تُنتج نحو 80 بالمائة من الإمدادات العالمية لهذا المخدر. ووفقاً لتقديرات عام 2021، تم تصنيع نحو 2.3 مليار قرص سنوياً في سوريا، بقيمة تجاوزت 100 مليار كرونة سويدية (حوالي 9.2 مليار دولار أمريكي). يُعتبر الكبتاغون الآن أكبر صادرات سوريا على الإطلاق، متفوقاً على كل صادراتها القانونية مجتمعة.
البروفيسور مايكل كيني، المتخصص في تجارة المخدرات العابرة للحدود بجامعة بيتسبيرغ، وصف اعتماد النظام السوري على تجارة الكبتاغون بأنه مشابه لإعتماد حكومات أخرى على تجارة المخدرات غير المشروعة.
وقال كيني: “مصطلح ‘دولة المخدرات’ قد يُساء استخدامه أحياناً، لكنه يصف سوريا بشكل مثالي. اعتماد النظام على تجارة الكبتاغون يُشبه اعتماد حكومة بوليفيا على تجارة الكوكايين في الثمانينيات، أو اعتماد طالبان على تجارة الأفيون خلال حرب أفغانستان”.
“مخدر الجهاد” و”كوكايين الفقراء”
يُلقب الكبتاغون بـ”مخدر الجهاد” بسبب تقارير أفادت بأن مقاتلي داعش استخدموه لتعزيز قدرتهم القتالية. وزعمت تقارير إسرائيلية أن أقراص الكبتاغون وُجدت في جيوب أعضاء من حركة حماس خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن هذه الادعاءات لم تُؤكد بشكل مستقل.
في السعودية، يُستخدم الكبتاغون بين النخبة الغنية كمخدر للحفلات، بينما يُعتبر “كوكايين الفقراء” لأنه يُستخدم بكثافة بين العمال والمهاجرين لتعزيز قدرتهم على العمل لساعات طويلة.
في تقرير لوكالة AFP، قال أحد المستخدمين، فيصل البالغ من العمر 20 عاماً: “يمكنني العمل ليومين أو ثلاثة دون توقف، مما يضاعف دخلي ويساعدني على تسديد ديوني”.
تحديات أمام الحكومة الانتقالية
لطالما كانت الولايات المتحدة على دراية بشبكات إنتاج وتجارة الكبتاغون المرتبطة بالنظام السوري. وفي حزيران/ يونيو 2023، أعلنت استراتيجية تهدف إلى “تفكيك شبكات إنتاج وتجارة المخدرات المتصلة بنظام بشار الأسد”.
ومع ذلك، وفقاً لتقارير AFP، لم يقتصر الاعتماد على الكبتاغون على النظام فقط، بل تورطت فيه جميع الأطراف المتصارعة في سوريا، بما في ذلك المعارضة، الأكراد، وتنظيم داعش.
وفي تصريح سابق، قال مستشار حكومي سوري سابق لوكالة AFP: “الكبتاغون جمع كل الأطراف المتصارعة في سوريا. الحكومة، المعارضة، الأكراد، وحتى تنظيم داعش، جميعهم استفادوا من تجارته”.
إحدى التقارير أفادت بأن أحد المهربين زعم أنه باع كميات من أقراص الكبتاغون لقادة داخل هيئة تحرير الشام نفسها، وهي المجموعة التي أعلنت مؤخراً نيتها تدمير المخزون الذي اكتشفته.
الخبير في العقوبات ماثيو زويغ من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات علّق على هذا الوضع بقوله: “التحدي الأكبر للحكومة الانتقالية الجديدة سيكون السيطرة على تجارة الكبتاغون. السؤال الأهم: هل سيتمكنون من السيطرة على هذه التجارة، أم أن التجارة ستسيطر عليهم؟”.
ورغم محاولات القضاء على تجارة الكبتاغون، يبقى هذا المخدر رمزاً واضحاً للفوضى التي تعيشها سوريا والمنطقة. وبينما تسعى القوى الدولية لتفكيك شبكات إنتاجه، يبقى تأثير هذه التجارة قائماً، سواء من حيث الأضرار الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.