بث التلفزيون السويدي فيلماً وثائقياً مصوراً، أمس الثلاثاء، فضح فيه الظروف التي تعاني منها الفتيات المراهقات في بعض بيوت الحماية التي يفترض أن تقدم الحماية لهن وهن ضحايا للعنف الأسري في منازلهن.
كشف الفيلم الذي حمل عنوان “فتيات الشرف المُغلق عليهن – De inlåsta hedersflickorna ” ومدته 28 دقيقة، ما تعيشه الفتيات اللواتي يلجأن الى مؤسسات الخدمات الاجتماعية (السوسيال) لحمايتهن من العنف الأسري في منازلهن التي شبّهها الفيلم بـ “السجون”، ولكن وبدلاً من أن يحصلن على المساعدة الحقيقية، يُنقلن الى “سجن” من نوع ثاني لا يقل قسوة وخوفاً عما هربهن منه في الأصل، بحسب الفيلم.
يستهل الفيلم بالحديث مع “ياسمينا”، وهي امرأة في الثلاثينات من عمرها تعيش الآن “حرة” كما تقول لكن تعاني من آثار الضغوط النفسية الكبيرة، التي لا زالت عالقة في ذاكرتها، نتيجة ما مرت به من ظروف قاسية جداً سواء في منزل والديها أو بعد ذلك في منازل SIS.
وSIS هي وكالة حكومية مسؤولة بشكل أساسي عن الرعاية الصحية الإلزامية للمراهقين من مرتكبي الجرائم والمدمنين على المخدرات والذين يعانون من مشاكل نفسية خطيرة، إلا أن الكثير من الفتيات اللواتي لا ينتمين الى هذه المجاميع واللواتي يعانين عنفاً في منازلهن، ينتهين الى تلك المنازل، بحجة حمايتهن الأمر الذي أثار انتقادات حادة بين المختصين، نظراً لأن الحل لا يجب ان يكون في سجن الضحايا وترك المذنبين طلقاء.
تقول ياسمينا انها تنتمي الى عائلة من اب وام واخ، ليسوا بالمتزمتين دينياً ولم تلحظ شيء غريب في تعاملهم معها حتى بلغت سن العاشرة، حينها بدأ والدها بتأنيبها على ما تلبسه من ملابس، وتضيف، قائلة: “أعتقد أن بروز جسمي كمراهقة أثار غضب والدي”.
وتضيف أنها كانت مراقبة من عائلتها في جميع الأوقات وعلى كل ما تقوم به إلى ان انتهى بها المطاف وقررت مغادرة منزل العائلة، عندها كانت في 14من عمرها.
وتؤكد أنها أخذت قرارها بعدما قام والد فاطيمة بقتلها، “عندها شعرت بالخوف والقلق من أن والدي سيقدم على الشي نفسه، لذلك قررت مغادرة المنزل”.
ليست ياسمينا هي الوحيدة التي تتحدث في الفيلم، بل مراهقات أخريات لم يظهرن في الفيلم خوفاً على حياتهن، واكتفى التلفزيون السويدي بنقل معاناتهن عبر رسائل كتبهن وتولت فتيات اخريات قراءتهن.
وفاطيما شابة كردية – تركية قتلت على يد والدها في تسعينيات القرن الماضي بسبب ارتباطها بشاب سويدي، وأثار قتلها ضجة واسعة جدا في السويد، ويرد اسمها كثيراً مع جرائم الشرف التي تحدث في البلاد.
“أين انتهى بي الأمر بحق الجحيم”
غادرت ياسمينا المنزل عندما كان عمرها 14 عاماً ومنذ ذلك الحين تولت خدمات الرعاية الاجتماعية نقلها من منزل الى آخر لمدة أربع سنوات تقريباً من ضمنها منازل SIS، والتي تقول عنها: “أين انتهى الأمر بي بحق الجحيم. أنا لا أنتمي الى هذا المكان”.
تقول ياسمينا، كنت أهرب من المكان الذي وضعوني فيه لأنني كنت أشعر بخوف شديد، ورغم انني أبلغت الخدمات الاجتماعية ان أهلي يهددوني بقتلي مثل فاطيما إلا انهم سمحوا لهم بمقابلتي والحديث معي عبر الهاتف.
تتابع ياسمينا، قائلة: “لم ارتكب أي جريمة ولم أكن اتعاطى المخدرات كل ما كنت أريده ان أعيش بشكل طبيعي مثل أي فتاة”.
ياسمينا رفضت ان تشهد ضد والدها في المحكمة، لذلك جرى غلق القضية.
تصف ياسمينا، منازل SIS بسجن للمراهقين، وتقول، لا أعرف ما هو الأسوأ ان أكون في المنزل أو في أحد منازل SIS، كنت في المكان الخاطئ. أبي كان يغلق عليّ الباب لمنعي من الخروج وفي منازل SIS المؤمنة يغلقون عليّ الباب أيضاً، فقدت ثقتي بالخدمات الاجتماعية وندمت على كل شيء وأردت العودة الى المنزل.
وتضيف، قائلة: كان الطرفان، عائلتي والرعاية الاجتماعية يشعران بالرضى عندما كان يغلقان الباب علي.
تختم ياسمينا، قائلة: أنا الآن حرة لكني لا زالت أعاني نفسياً. كان طريقاً طويلاً وشاقاً حتى وصلت الى ما أنا عليه الآن. لم أحصل على مساعدة من أي أحد وعملت كل شيء لوحدي. قمت بحماية نفسي بنفسي وساعدت نفسي على التكيف مع المجتمع، لم يساعدني أحد.
معروف أن التلفزيون السويدي هو “خدمة عامة” مُمّول من أموال دافعي الضرائب، ليس ناطقاً باسم الحكومة أو أي مؤسسة أو سلطة حكومية أو حزبية، وينشر محتوى يطرح من خلاله كل ما يهم الناس من قضايا وينتقد أداء السلطات.
لمشاهدة الفلم: https://www.svtplay.se/video/34628243/de-inlasta-hedersflickorna?id=8vy7yxW