تُلقي ظلال العزوبية بِوقعٍ مُختلف على كلٍ منّا، فبينما يراها البعض فُرصةً للاستقلال واكتشاف الذات، يَشعر آخرون بثقلها كحالةٍ من الفراغ العاطفي والعزلة الاجتماعية. ولكن ما يغفل عنه الكثيرون هو التأثير العميق لهذه المرحلة على صحتنا النفسية على المدى الطويل.
الوجه المُشرق للعزوبية: اكتشاف الذات وتحقيق الطموحات:
لا شكّ أن العيش دون شريك يفتح آفاقاً واسعةً من الحرية والاستقلالية، إذ يُصبح بإمكان الفرد صقل شخصيته، وتكريس وقته وطاقته لتحقيق أهدافه الشخصية والعملية.
ويمكن الإقرار بأن العازب غير مُقيّد بالتزامات أو مسؤوليات عائلية، مما يُتيح له خوض مُغامرات جديدة، واكتشاف هوايات مُتنوعة، والتفرّغ لِبناء مسيرةٍ مهنيةٍ ناجحة.
لكن.. للعزوبية وجه آخر أكثر قسوةً:
مع مرور الوقت، قد تتلاشى بهجة الحرية ليحل محلها شعورٌ بالفراغ والوحدة، خاصةً في مجتمعاتنا التي تُعلي من قيمة الزواج وتُشكّك في “نجاح” من لم يُقدم على هذه الخطوة. هنا يبدأ التأثير السلبي للعزوبية على الصحة النفسية بالظهور، من خلال:
- تآكل الثقة بالنفس: يُصبح الشخص أكثر عُرضةً للشعور بالنقص والدونية بسبب عدم وجود شريك يُشاركه الحياة، مما يُضعف من ثقته بنفسه ويُفقده الدافع للسعي وراء علاقات جديدة.
- الخوف من المستقبل: تتزايد المخاوف من فكرة التقدّم في العمر دون شريك حياة أو عائلة، مما يُسبب توتراً نفسياً ويؤثر على نظرة الفرد لِمستقبله.
- الانسحاب من المحيط الاجتماعي: قد يلجأ بعض العازبين إلى عزل أنفسهم اجتماعياً تجنباً للمواقف التي تُذكرهم بوحدتهم، مما يزيد من شعورهم بالاغتراب والوحدة.
إذن، كيف نُحقق التوازن في رحلة العزوبية؟
يكمن السر في تحويل تحديات هذه المرحلة إلى فرصٍ للنمو والنضج، وذلك من خلال:
- بناء علاقات اجتماعية قوية وهادفة.
- تخصيص وقتٍ للهوايات والأنشطة المُمتعة.
- التركيز على التطوير الذاتي والنمو الشخصي.
- طلب الدعم من المُختصين عند الحاجة.
فالعزوبية ليست حُكماً نهائياً، بل هي فترة مُؤقتة من الحياة تحتاج منّا إلى وعيٍ وتفهمٍ لِتجاوز تحدياتها وجني ثمارها.
المصدر: Charlie Health