تناول سؤال الاسلاموفوبيا، يقتضي فهما دقيقا للوضع العام بأوروبا، خاصة في ما يتعلق بعلاقة الأنا بالآخر، أيضا مشكل التعايش، الجذور التاريخية لشيوع التمثلات الخاطئة عن الإسلام، وغيرها ؛ -نعرف كلنا أن التوتر بين الإسلام والاخر الغرب بشقيه-المسيحي واليهودي- هو توتر قديم لكن يمكننا الجزم أن أحداث ١١ سبتمبر، أحدثت انقلابا أيديولوجيا سيعمق الفجوة أكثر بين الأنا المسلمة والغرب وإلا ما دلالة تأثير هذه الأحداث والتي ندينها أخلاقيا، على المسلمين خاصة، بالرغم من كل هذا العنف الذي يشهده العالم.
-أسباب هذه الظاهرة متعددة: ذاتية: تتعلق بالمسلم نفسه، الذي فشل في إعطاء الصورة الحقيقية للإسلام، كمنظومة قيمية وأخلاقية كونية تؤمن بالآخر وباختلافه وبحقوقه؛ في المقابل إختزل الإسلام في بعده الطقوسي:لباس، لحية، بناء مساجد، ونسي أن الإسلام منظومة حياة، وقبلها منظومة أخلاق(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )لهذا فالصورة النمطية السيئة التي أسست لها وسائل الإعلام الغربية والأفلام السينمائية والرسوم الساخرة، هي نتاج سلوكات بعض المسلمين الذين عجزوا عن بلوغ كنه الرسالة المحمدية السمحة، بل لدينا أيضا المسلم بالإنتماء فقط مع جهل تام للشريعة الإسلامية؛
-أسباب سياسية تهم الاخر: حيث يتم إستغلال التوتر القائم لأجل مآرب سياسية، فيروج مثلا إلى أن هذا المسلم مستغل وحاقد على حضارة مسيطرة ومتفوقة، وهو التسويق السياسي الذي ينشط أثناء خوض غمار الإنتخابات، وقد نتج عنه في عديد المرات مظاهرات ضد ما سمي”أسلمة أوروبا”؛ الأمر ذاته سيحصل بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما استغلDonald Trump أحداث ١١سبتمبر ليستحث اليمين المحافظ الذي نادى بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية؛ –
أسباب إقتصادية:ما تجنيه شركات الإنتاج من الأفلام المعادية للإسلام والمسلمين؛ -الخطير عندما يشارك المفكر في هذه الحملة الشرسة التي تعمق فجوة الصراع وتهدد السلم والأمن الدوليين، وقد لامسنا حجم الإنتاجات الفكرية المعادية للإسلام والمسلمين، بل هناك من اعتبر أن ظاهرة الاسلامفوبيا، صناعة إسلامية لترهيب المخالفين وللسيطرة على أوروبا/Pascal Bruchner.
ولأننا أمام منظومة غربية تؤمن بثقافة حقوق الإنسان أيضا، فقد تعالت الأصوات لأجل تجاوز خطابات الكراهية والدفاع عن القيم الإنسانية التي ميزت الغرب:قيم التسامح والتعددية وقبول الآخر؛ -من جهتنا علينا أن نستوعب أن هذه الظاهرة بتداعياتها المختلفة تسكن لاوعي الغرب وتحييها وتغذيها سلوكات بعض المسلمين المتطرفين والمتعصبين، وهذا النموذج هو الذي تستغله وسائل الإعلام وغيرها لإنتاج صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين؛
-إذن التحدي، أن نعمل على إنتاج صورة إيجابية عن الإسلام وإنتاج خطاب قيمي أخلاقي يعكس الصورة الحقيقية للإسلام نحتاج لأن نكرس ثقافة الإختلاف كي ننظر إلى الآخر داخل كينونته الإنسانية لا العقدية، لأجل إنسانية متعايشة ومتسامحة؛ نحتاج للاندماج الإيجابي والفعال ونحتاج لجهود مضاعفة لأجل إستثمار الديموقراطية والحرية الغربية استثمارا إيجابيا، عوض فسح المجال أمام قوى الظلام التي استغلت فضاءات الحرية ونشطت لتعبئة الشباب وشحنهم بأفكار التطرف والتعصب ونبذ الإختلاف.
د. علي موسى الموسوي
متخصص في شؤون الحوار التنويري الإنساني
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن SWED 24