SWED24: رغم بشاعة الجريمة التي ارتكبها ريكارد أندرسون، حين قتل عشرة أشخاص قبل أن ينهي حياته في أسوأ إطلاق نار جماعي في تاريخ السويد، إلا أن اسمه تحول إلى أيقونة مشؤومة داخل مجتمعات “الإنسل” الإلكترونية، حيث يدعو بعض المستخدمين إلى إعلانه “قديساً” وتخصيص يوم سنوي باسمه.
و“الإنسل” (Incel) هو اختصار لـ “Involuntary Celibate” أي “العزوبة القسرية”، ويشير إلى مجموعة من الرجال الذين يشعرون بالإقصاء العاطفي والجنسي من قبل النساء، ويرون أنفسهم غير قادرين على إقامة علاقات رومانسية أو جنسية بسبب مظهرهم أو مكانتهم الاجتماعية أو عوامل أخرى خارجة عن إرادتهم.
في أحد المنتديات الإلكترونية الخاصة بمجتمع “الإنسل”، طُرحت فكرة تنظيم جنازة رمزية أو يوم احتفالي لتكريم أندرسون، تحت عنوان: “هل يجب علينا إقامة جنازة أو يوم تكريم للقديس ريكارد أندرسون؟”.
و صوّت 10 أشخاص بالموافقة، مقابل 5 بالرفض.
بدأ النقاش في المنتدى بعد يوم واحد فقط من مجزرة مدرسة ريسبرسكا، حيث نشر أحد المستخدمين تفاصيل عن القاتل، مشيراً إلى عمره (35 عامًا)، ومسقط رأسه (أوربرو، السويد)، وتاريخ وفاته (4 فبراير). اللافت أن المستخدمين منحوه “درجة تقييم” بناءً على عدد ضحاياه، حيث نال عشر نقاط، بعدد الأشخاص الذين قتلهم.
ويرى أعضاء مجتمع “الإنسل” أنفسهم ضحايا للظروف البيولوجية والاجتماعية، ويعتقدون أنهم لم يحصلوا على “الصفات الجينية” التي تجعلهم جذابين للنساء، وبالتالي يعتبرون أنفسهم محكومين بالفشل العاطفي والجنسي مدى الحياة.
نظرة “الإنسل” إلى الجريمة: انتقام من الظلم
وفقًا للصحفي إميل هيليرود، الذي أجرى تحقيقاً استقصائياً حول ثقافة “الإنسل”، فإن هذه المجموعات تميل إلى تمجيد القتلة وتحويلهم إلى “أبطال”.
يقول هيليرود: “في نظرهم، انعزال القاتل عن المجتمع والجريمة التي ارتكبها، ما هي إلا دليل على الظلم الذي يرونه في العالم. هذه الثقافة تركز بشكل أساسي على الجنس، وترى أن الحياة تنقسم بين من يمارسونه ومن لا يمارسونه”.
ويضيف أن مجتمع “الإنسل” يؤمن بأن: “إذا لم يكن الشخص وسيماً أو جذاباً بما يكفي للنساء، فهو خاسر منذ البداية، وأنه محكوم عليه بالفشل بسبب سوء حظه الجيني”.
أحد مستخدمي المنتدى نشر صورة لريكارد أندرسون مرتدياً قبعة، وقارنها بصورة آدم لانزا، منفذ هجوم مدرسة ساندي هوك عام 2012، الذي قتل 26 شخصًا، بينهم 20 طفلًا.
وعلق أحد المستخدمين: “شعرت على الفور بخطر كبير عندما رأيت وجهه”.
منتديات الكراهية.. بيئة خصبة للتحريض
يرى الكاتب ستيفان كراكوسكي، مؤلف كتاب “إنسل: عن العزوبة القسرية ودور الرجل في أزمة”، أن الهوس بالمظهر الخارجي هو أحد الأعمدة الأساسية لهذه الثقافة، حيث يتجادل أعضاء المنتدى حول ما إذا كان أندرسون يرقى ليكون “إنسل” حقيقيًا أم لا.
ويضيف: “كل هجوم إرهابي أو إطلاق نار جماعي ينفذه شخص منفرد يصبح محل نقاش مكثف في هذه المنتديات. فهم ينظرون إلى المجتمع بكراهية وعدائية، وكل عملية قتل جماعي تُعتبر بالنسبة للبعض بمثابة انتقام من العالم الذي نبذهم”.
في ختام أحد النقاشات داخل المنتدى، كتب أحد الأعضاء، قائلاً: “كل ما أتمناه الآن هو أن لا يكون دافع الهجوم مرتبطاً بحركات اليمين المتطرف، بل أن يكون مجرد تعبير عن كراهية للبشرية. نحن بحاجة إلى مزيد من الممثلين!”.
بيئة خصبة للتطرف
يؤكد الصحفي هيليرود أن هذه المنتديات ليست مجرد مساحات للحديث عن العزلة، بل تتحول إلى منصات تحريضية قد تلهم المزيد من الهجمات.
ويقول: “ليس كل شخص في هذه المجتمعات عنيفاً أو معادياً للنساء، ولكن هناك نسبة منهم تنجذب إلى العنف. الشعور بالوحدة والعزلة قد يدفع البعض إلى البحث عن هوية أو انتماء في هذه المنتديات، وهناك يجدون مجتمعاً يحتضن غضبهم ويحوله إلى كراهية منظمة”.
ويضيف، قائلاً: “هذه البيئات خطيرة لأنها تروج لفكرة أن الانتقام هو الحل، مما قد يؤدي إلى أعمال عنف جديدة”.