إيفا بريتا معلمة للغة الإنكليزية في إحدى مدارس تعليم البالغين في مدينة فيستروس Västerås السويدية. ورغم عمرها الذي زاد عن سن التقاعد بسنوات عدة، إلا أنها لا تزال محتفظة بنشاطها وتتميز بالحيوية والرغبة في العمل تُحسد عليها.
تقول إن العمل مع الأشخاص من جنسيات أجنبية أمر ممتع، وتقول مازحة: “هم يضحكون أكثر من السويديين، بالإضافة الى انهم يضعون العطور الرائعة”، لكنها تستدرك وتقول ساخرة “السويديون أفضل حالاً في الصيف”.
تقول إيفا لـ “سويد 24″، ان مفهوم التعليم لديها لا يقتصر فقط على كونه مهنة ترتزق منها، بل هو تواصل انساني مبني على الاحترام والرغبة في إيصال المعلومة الى المقابل بطرق مختلفة.
مارست ايفا اعمال مختلفة في حياتها، لكنها لم تدرك حبها للتعليم الا ما بعد سن الخمسين، حيث بدأت دراستها الجامعية وهي في سن الـ 55 لتتخرج لاحقاً كمعلمة مؤهلة لتدريس اللغتين السويدية والإنكليزية وعلم الأديان.
لـ إيفا طريقة مميزة في الحديث، فهي تتمتع بتلقائية وخفة في الحركة والحديث تجعل المقابل يستمتع بمجالستها، إذ تقول “في البداية لم أكن اعمل، بل منحت الكثير من الوقت لتربية أولادي الأربعة، رغم انني كنت اتوق الى العمل خارج المنزل، لكني وجدت فائدة أيضا في البقاء مع اولادي وتربيتهم فيما تولي زوجي مهمة تأمين اقتصاد العائلة”.
وتتابع: “لم أكن اعلم انني اريد العمل كمعلمة لكنني حصلت على وظيفة مؤقتة بذلك، ووجدت ان الأمر ممتع جداً، عندها أدركت انني يجب أن أجد طريقي كمعلمة. يروق لي كثيراً وجودي بين الطلبة”.
كاهنة
عملت ايفا بريتا كاهنة لبعض الوقت قبل ان تنتقل الى مقاعد الدراسة من جديد وهي في منتصف عقدها الخمسيني. عملت ايفا في مدارس للأطفال والكبار على حد سواء.
تقول ضاحكة: “ساعدني زوجي معنوياً ومادياً في اكمال دراستي وشجعني على ذلك، ليس أقله للاستفادة من العطلة الصيفية وقضاءها معاً”.
وتضيف ان عملها ككاهنة يشبه كثيراً عملها كمعلمة: ” الاثنان يقفان امام الجمهور ويسعيان الى خدمته، سواء أكان بهدف إيصال كلمة الله او المعلومة، وعلى المستوى الشخصي، يمنحني ذلك الكثير من الطاقة”.
وتقول ان تعليم الأطفال والبالغين أمر مشوق، بفارق ان تعليم الكبار قد يكون أسهل بعض الشيء، لجهة انهم مدركين لما يسعون اليه من هدف.
العمر ليس عائقاً
لم تتوقف ايفا بريتا عن الايمان بأحلامها يوماً بل عملت جاهدة في سبيل تحقيقها، إذ لا ترى في عمر الإنسان عائقاً امام تحقيق طموحاته ما دام راغباً في ذلك، بالإضافة الى ذلك لديها العديد من الهوايات التي تمارسها. تعيش ايفا يومها بكل ما فيها من طاقة، ما يجعلها في دوامة مستمرة لا تكل من الحركة والبهجة.
تقول: “أحب الرقص، وقد تعرفت على زوجي الثاني في احدى حلبات الرقص، كما تستهويني الحياكة ونسج السجاد وبالتأكيد القراءة”.
تحضر ايفا الان لأطروحة الماجستير في طرق التدريس، حيث ترى ان الأمر يستحق المزيد من الدراسة وتطوير الذات، وهي بدأت بالفعل ذلك الى جانب استمرارها للعمل كمدرسة للغة الإنكليزية.
تملك ايفا بريتا شعبية واسعة بين طلبتها الذين ينحدر غالبيتهم من أصول غير سويدية، لما تتمتع به من تواضع وبساطة واضحتين في التعامل ورغبة أكيدة في مساعدتهم على تحقيق أهدافهم.
وعن أسباب نجاحها كمعلمة، تقول: “اتعامل باحترام كامل مع طلبتي، أياً كانت أعمارهم، اطفالاً كانوا ام بالغين والإنسان يحس تماماً الشخص الذي يحترمه، ما يجعلهم يبادلوني نفس الاحترام من خلال اجتهادهم في الدراسة. أنا أؤمن بطلبتي وبأنهم قادرون على النجاح. أحاول جاهدة إيصال هذه الحقيقة إليهم، وربما هذا ما يجعلني اتمتع بهذه الشعبية”.
لينا سياوش