SWED 24: مع دخول فصلي الخريف والشتاء، تزداد ساعات الظلام تدريجيًا في السويد، لتصل في بعض المناطق إلى عدم طلوع الشمس بشكل ملحوظ لفترات طويلة، ما ينعكس على الصحة النفسية والجسدية للكثير من السكان. أظهرت الأبحاث أن هذا النقص في التعرض لأشعة الشمس له تأثيرات سلبية على الحالة المزاجية، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التعب والكآبة، وهو ما يعرف باضطراب العاطفة الموسمي (SAD).
ووفقًا للباحث السويدي كريستوفر رانش، المختص في علم النفس بجامعة أوبسالا، فإن انخفاض الضوء الطبيعي في أشهر الخريف والشتاء يؤثر على الساعة البيولوجية في الجسم، التي تنظم دورة النوم والاستيقاظ. إذ يؤدي غياب الضوء الطبيعي إلى تعطيل إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم النوم. كما يقلل من إنتاج السيروتونين، الذي يُعرف بـ “هرمون السعادة”، ما يؤثر على المزاج العام.
ويشير رانش إلى أن التغييرات التي تطرأ على الساعة البيولوجية قد تجعل من الصعب على الأشخاص الشعور باليقظة والطاقة خلال ساعات النهار.
وتشير دراسة أجرتها الهيئة السويدية للصحة العامة إلى أن نسبة تتراوح بين 20-30 بالمائة من السكان يعانون من تغيرات مزاجية موسمية تختلف شدتها من شخص لآخر، حيث يعاني البعض من انخفاض ملحوظ في الطاقة، وعدم الرغبة في القيام بالأنشطة اليومية، بينما يعاني آخرون من أعراض اكتئاب موسمي تتطلب متابعة طبية.
ووفقًا لدراسة مشابهة أجرتها جامعة ستوكهولم، فإن الأشخاص الأكثر عرضة لهذه الاضطرابات هم أولئك الذين يعيشون في المناطق الشمالية من السويد، حيث يكون الضوء أقل طوال الشتاء.
العلاج بالضوء
ويعتبر الباحث “ستيفان سفينسون”، من جامعة لوند، أن نقص ضوء النهار لا يؤثر فقط على الحالة المزاجية، بل يؤدي أيضًا إلى تغييرات جسدية ونفسية، حيث يصبح البعض أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية، نتيجة لانخفاض الطاقة، وعدم القدرة على القيام بالأنشطة الرياضية أو الترفيهية الضرورية لصحة جيدة.
ويضيف سفينسون أن التعرض لأشعة الشمس، حتى لو كان لفترات قصيرة خلال النهار، يمكن أن يساهم في التخفيف من هذه الأعراض، ويقلل من معدلات الإصابة بالكآبة والتعب الموسمي.
وللتخفيف من هذه الأعراض، يوصي الباحثون بعدة استراتيجيات فعالة، منها التعرض للضوء الصناعي باستخدام مصابيح علاجية خاصة تُحاكي ضوء النهار الطبيعي، والتي أثبتت فعاليتها في تحسين الحالة المزاجية والحد من أعراض الاكتئاب.
ويوضح “كريستوفر رانش” أن هذا العلاج يعرف بـ”العلاج بالضوء”، ويعتمد على تعريض الأفراد لضوء ساطع يساعد على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية.
من جهة أخرى، يُنصح بالحرص على ممارسة النشاط البدني بانتظام، حتى لو كان خارج المنزل في طقس بارد أو مظلم، حيث تساعد التمارين الرياضية في تعزيز إنتاج السيروتونين وتقليل الإجهاد. كما ينصح الباحثون بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين “د”، كونه يُنتج عادة في الجسم عند التعرض لأشعة الشمس، ويمكن تعويض نقصه من خلال تناول المكملات الغذائية بعد استشارة الأطباء.
في ظل شتاء طويل وبارد، يظل التكيف مع فترات الظلام أمرًا ليس بالسهل على العديد من سكان السويد، لكنه ضروري للحفاظ على التوازن النفسي والجسدي، حيث يؤكد الخبراء على أهمية إيجاد التوازن بين العوامل البيئية والممارسات الصحية التي من شأنها أن تحد من الآثار السلبية لفترات الظلام الطويلة.
SWED 24