SWED 24: في معرض “أحلام عن القمر” الذي يقام في مركز الثقافة المتعددة في فيتيا، يتم تسليط الضوء على حياة مجموعة من اللاجئين الذين وصلوا إلى السويد خلال موجة اللجوء الكبرى في عامي 2015 و2016.
المعرض يقدم نظرة على مسارات حياتهم وما مروا به خلال السنوات التي تلت وصولهم إلى السويد، وكيف شكلت تجاربهم هذه حياتهم الحاضرة.
أحد هؤلاء الأشخاص هو كريم الفتلاوي، الذي وصل إلى السويد في خريف 2015 بعد رحلة مليئة بالصعاب والتحديات من العراق. هناك، تعرض كريم للتعذيب والسجن والخطف قبل أن يضطر للفرار عبر رحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر، والتي يصفها بأنها كانت “مثل الموت”.
وعلى الرغم من نجاته ووصوله إلى السويد، لا تزال تلك التجارب تؤثر عليه بشكل عميق، بما في ذلك قدرته على تعلم اللغة والتكيف مع الحياة الجديدة.
لكن التحدي الأكبر في حياة كريم لم يكن تلك الرحلة أو تلك التجارب القاسية، بل الفراق عن ابنته التي اضطر لتركها في العراق، ولم يرها منذ ذلك الحين. هذه الفجوة شكلت جرحًا عميقًا في حياته، ورغم تواصلهما المستمر عبر الرسائل الإلكترونية، إلا أن ذلك لا يعوض عن الألم الذي يشعر به.
يقول كريم: “الحنين للوطن لا يفارقني، لكنني أيضًا ممتن للحياة التي منحتني إياها السويد”.
“أن تكون أنساناً”
المعرض، الذي أعده الفنان هنريك تيليمان، يعرض قصصًا مثل قصة كريم، ويعيد تقديمها للجمهور بعد ست سنوات من موجة اللجوء. تيليمان كان قد عمل على مشروع سابق مع نفس الأشخاص عندما وصلوا إلى السويد، والآن يعيد استكشاف حياتهم وما تغير فيها، سواء على المستوى الشخصي أو النفسي.
يقول تيليمان عن المشروع: “ما يشغلني ليس فقط معرفة ما حدث في حياتهم، ولكن أيضًا ما الذي تغير داخلهم. الأمر يتعلق بما يعنيه أن تكون إنسانًا”.
المعرض يأخذ الزوار في رحلة عبر قصص إنسانية عميقة، تعكس تجارب اللاجئين في صراعهم من أجل التأقلم والاندماج، وتستعرض تحولاتهم النفسية والعاطفية.
يتضمن المعرض مشاهد متعددة وأعمالًا فنية تجسد قصص هؤلاء اللاجئين، مثل مشهد يظهر رجلاً يسبح في مياه إحدى المنتجعات اللبنانية، وهو طارق، الذي يعكس قصة من قصص اللجوء. كما توجد فيديوهات على الجدران، تعرض لحظات خاصة، مثل فيديو لطفل صغير يُدفع على أرجوحة، مجزأ إلى أجزاء، وهو ابن كريم الذي ولد في السويد.
“لمّ الشمل”
من خلال هذه الأعمال، يسعى المعرض إلى توصيل رسالة مفادها أن اللجوء ليس مجرد رحلة فيزيائية من بلد إلى آخر، بل هو أيضًا رحلة نفسية عميقة تترك آثارًا لا تُمحى. واحدة من أكثر المناطق المؤثرة في المعرض هي “غرفة لم الشمل”، وهي غرفة سوداء تُعرض فيها أفلام قصيرة تصور لقاءات عائلات اجتمعت مجددًا بعد فترات طويلة من الفراق.
يقول تيليمان: “هنا تكمن قوة هائلة. هذه اللحظات تعكس قوة الحب والأسرة، وتتجسد فيها مشاعر الحرب، الفقد، والشعور بالذنب تجاه من تركوهم وراءهم. من المستحيل ألا تتأثر بهذه المشاعر الجارفة عندما تشاهد هذه اللقاءات”.
المعرض ليس مجرد مساحة لعرض المعاناة، بل هو أيضًا مساحة للجمال والأمل. فهو يجمع بين الجدية والفن والجمال، ويعرض قصصًا مؤثرة بطريقة تثير تفكير الزوار وتجعلهم يشعرون بعمق التجربة الإنسانية التي يعيشها هؤلاء اللاجئون.
إلى جانب المعرض، تم إصدار كتاب يحتوي على مقابلات وصور تسلط الضوء على هذه القصص، مما يوفر توثيقًا دائمًا لهذه الرحلات الإنسانية المؤثرة. يقول تيليمان عن الكتاب والمعرض: “إنه مزيج من الجدية والجمال، وفي بعض الأحيان تجد فيه لمحات من الفكاهة والحياة”.
يعد معرض “أحلام عن القمر” تجربة مؤثرة وفريدة، تسلط الضوء على قصص لاجئين عانوا من ويلات الحرب والفقدان، لكنهم يجدون في نهاية المطاف قوة في الإنسانية والأمل في المستقبل. إنه شهادة على القدرة البشرية على التحمل والتأقلم مع أقسى الظروف، ورمز للأمل الذي يظل حيًا رغم كل الصعاب.