مقال رأي/ في عام 1999 كنت أعمل في مدينة توشبي السويدية المحاذية للحدود النرويجية من جهة الغرب.
في هذه المدينة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 12 ألف مواطن، تعرفت على وجوه كثيرة وعائلات، وزبائن كانوا يترددون على الدكان الذي أعمل فيه لشراء حاجاتهم…
ومن بين هذه العائلات التي تعيش في مدينة توشبي، حظيت بصحبة عائلة كريمة، تتكون من رجل طيب وزوجته، وكانا على درجة مذهلة من الطيبة والأخلاق والتواضع. وقد علمت بعدها بأنهما الأب والأم للمدرب السويدي المعروف في كرة القدم، سفين يوران إريكسون (سفينس)، الذي كان في ذلك الوقت يقيم في إيطاليا ويعمل مدرباً لأحد فرقها المشهورة في كرة القدم.
ومع مرور الأيام، كنت أتشرف بزيارة سفينس لدكاني حين يكون في مدينة توشبي، من أجل اقتناء بعض الحاجات، وبالذات “السنوس السويدي”، وهو نوع من التبغ يوضع فوق الأسنان عند اللثة كبديل عن السجائر…
وفي وقت لاحق، عندما صار سفينس مدرباً للمنتخب الإنجليزي ويقيم في بريطانيا، كان الوالد يشتري له علب السنوس السويدي ليرسلها له في بريطانيا.
الوالد والوالدة كانا يتمتعان بروح إنسانية كبيرة، وكانا يتابعان أخبار العراق ويسألانني عن أحوال الوطن والناس، معبرين عن تضامنهما، خصوصاً وأن تلك الأحداث في عام 2003 كانت مصيرية.
هذه الشخصية الرياضية السويدية المرموقة كانت تحظى بحب واحترام أهل مدينة توشبي، وكل السويديين.
ومع الجهود الكبيرة والمرموقة التي بذلها في تدريب عدد من المنتخبات العالمية، أصبح موضع حب واعتزاز الكثيرين في أنحاء العالم…
مما أتذكره، أن سفين إريكسون كان مدرباً للمنتخب الإنجليزي، وصادف أن يخوض منتخب السويد مباراة مصيرية أمام المنتخب الإنجليزي، مما حفزني وحفز عائلتي على كتابة لافتة كبيرة وضعناها على واجهة محلي (كلاكسي) وقد كتبنا عليها باللغة السويدية:
“عذراً يوران سفينس، نحن نحبك، ولكن قلوبنا مع المنتخب السويدي….”
وقد لاقت اللافتة حينها اهتمام أهل المدينة والإعلام، ووصلت أخبارها لسفينس نفسه.
وقبل سنوات، شاعت أخبار عن احتمال تدريب سفينس للمنتخب العراقي الوطني، وكان الخبر مصدر فرحي وسعادتي، ولكن الموضوع لم يكن بتلك الجدية، ويبدو أن الخبر لم يكن دقيقاً.
منذ فترة، كنت أتألم لحال يوران سفينس، خصوصاً بعد إعلانه العلني بأنه مصاب بالسرطان، وأنه لم يتبق الكثير من الوقت على وجوده معنا في كوكب الأرض.
وكان هذا الإعلان موضع ألم وحزن للكثيرين…
اليوم يرحل سفينس، تاركاً خلفه الكثير من القيم والتقاليد والدروس والإرث الرياضي…
الذكر الطيب للمدرب السويدي الكبير
سفين يوران إريكسون (سفينس)
نجم خطاوي
مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها وليس SWED 24