كتب ولفغانغ هانسون، المراسل وكاتب المقالات في صحيفة “افتونبلادت”، اليوم الخميس، مقالاً مطولاً عن التداعيات الخطيرة المتوقعة من تصاعد توتر الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وكيف أن ذلك يضع المنطقة على هاوية حرب طاحنة، ليس من مصلحة أحد قيامها.
وقال هانسون، أن جميع الأطراف المتورطة في هذا التصعيد تدعي أنها تسعى لوقف اطلاق النار وإنهاء الحرب، لكن الواقع شيء آخر، ودائما ما يفسر كل طرف أفعاله بالمشروعة وأفعال الطرف الآخر بالإجرامية.
وذكر أن توترات الوضع في الشرق الأوسط سيكون لها تأثير مباشر على السويد. وأن قيام حرب يعني زيادة خطر الهجمات الإرهابية في البلاد والتأثير على الاقتصاد وبالتالي على المستهلكين والصناعة السويدية.
نص المقال:
بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في أكتوبر من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن جميع قادة حماس “أشخاص محكوم عليهم بالموت”. نجاح إسرائيل في اغتيال القائد السياسي لحماس، إسماعيل هنية، يُعتبر إنجازًا كبيرًا لنتنياهو. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تُقرب المنطقة أكثر من الحرب الشاملة التي يزعم الجميع أنهم يسعون لتجنبها.
منذ الهجوم الوحشي على المدنيين الإسرائيليين، كان هدف نتنياهو المعلن هو القضاء على يحيى السنوار، القائد العسكري لحماس في غزة، والذي يُعتقد أنه كان وراء الهجوم. وعلى الرغم من مرور عشرة أشهر من العمليات العسكرية، لم تتمكن إسرائيل من تحديد موقع السنوار الذي يُعتقد أنه يختبئ في شبكة الأنفاق في غزة.
نتنياهو في حاجة ماسة لتحقيق انتصار يُمكِّنه من مواصلة الحرب ويعزز ثقة الإسرائيليين في رؤيته لتحقيق “النصر الكامل”. لذلك، عندما سنحت الفرصة لضرب إسماعيل هنية، الذي كان يتخذ من قطر مقرًا له، لم يتردد نتنياهو في إعطاء الأمر بالهجوم.
لا تزال الظروف المحيطة بمعرفة هنية أو موافقته على الهجوم الإرهابي في جنوب إسرائيل غير واضحة. كان هنية يُعرف بأنه من القادة الذين يميلون إلى الدبلوماسية والمفاوضات إلى جانب الكفاح المسلح. وجوده في إيران، العدو اللدود لإسرائيل، سهل على نتنياهو اتخاذ القرار، حيث لم يكن هناك داعٍ للقلق بشأن رد فعل إيران. وربما يرى نتنياهو في اغتيال هنية على الأراضي الإيرانية إحراجًا إضافيًا لطهران.
يأتي هذا الاغتيال بعد أقل من 24 ساعة من مقتل القائد العسكري البارز لحزب الله، فؤاد شكر، في هجوم صاروخي إسرائيلي على العاصمة اللبنانية بيروت. كان هذا الهجوم بمثابة رد انتقامي على انفجار وقع قبل أيام على ملعب كرة قدم في مرتفعات الجولان المحتلة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 طفلًا.
“العين بالعين”
في الشرق الأوسط، يسود مبدأ “العين بالعين، والسن بالسن”، وهذه الدوامة من العنف هي التي أبقت المنطقة تحت تهديد دائم بالحرب الشاملة على مدار العام الماضي. توقع الكثيرون أن تكون الحرب الشاملة وشيكة عندما هاجمت إيران إسرائيل بصواريخها قبل بضعة أشهر، لكن إسرائيل اختارت الرد بشكل محدود، مما أدى إلى تهدئة مؤقتة.
الآن، تواجه إسرائيل تهديدات من هجمات انتقامية، سواء من حزب الله المدعوم من إيران في لبنان أو من إيران نفسها. بناءً على طبيعة هذه الهجمات، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة للرد، مما يزيد من احتمال التصعيد، وإن لم يكن ذلك حتميًا.
تلعب الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في محاولة كبح جماح إسرائيل. خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة، كانت كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية المحتملة عن الحزب الديمقراطي، واضحة في أن الولايات المتحدة ترغب في التوصل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء سريع للحرب في غزة.
ومع ذلك، في كل مرة تلوح في الأفق إمكانية لوقف إطلاق النار، يتحرك نتنياهو لإحباط تلك الجهود. لا يمكن التفاوض على وقف إطلاق النار مع حماس وفي الوقت نفسه اغتيال أحد قادتها المشاركين في المفاوضات. هذا النوع من التصرفات يضعف الرغبة في التفاوض لدى الطرف الآخر.
ويبدو أن نتنياهو يعمل على منع التوصل إلى وقف إطلاق النار بأي ثمن. وقف إطلاق النار يعني فعليًا نهاية الحرب، وربما يعني أيضًا نهاية حقبة نتنياهو في السلطة، خاصة وأن الهجمات التي نفذتها حماس جاءت في عهده ووصفت بأنها الأسوأ ضد اليهود منذ المحرقة.
تدخل إيران في الحرب
من جانبها، تنعى حماس قائدها لكنها تأمل في أن يؤدي مقتل هنية إلى دفع إيران للتدخل بشكل مباشر في الحرب إلى جانبها. كما تأمل أن يؤدي مقتل فؤاد شكر إلى دفع حزب الله لشن هجوم واسع ضد إسرائيل.
رغم ما تقوله الأطراف المتورطة، لا أحد يرغب في حرب شاملة. تدعي حماس أنها تسعى لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، ويقول حزب الله وإيران الشيء نفسه. وحتى نتنياهو يصرح بأنه يريد تجنب تحول الصراع في غزة إلى حرب إقليمية شاملة.
لكن الواقع يقول شيئًا آخر، حيث أن تصرفات نتنياهو وقادة إيران والجماعات التابعة لها، مثل حزب الله، ترفع باستمرار مستوى التوتر وتزيد من احتمالات التصعيد. ويظل كل طرف يبرر أفعاله بأنها مشروعة، بينما يصنف أفعال الطرف الآخر كجرائم حرب.
في السويد، قد نعتقد أن الشرق الأوسط بعيد عنا، لكن ما يحدث هناك له تأثير مباشر على حياتنا. حرب شاملة في المنطقة تزيد من خطر الهجمات الإرهابية في السويد وتؤثر على اقتصادنا. ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير بعد اغتيال قائد حماس، وإذا اندلعت حرب شاملة، ستتفاقم هذه الزيادة، مما سيؤثر سلبًا على المستهلكين والصناعة السويدية.
من مصلحة الجميع أن تتوقف دوامة الانتقام في الشرق الأوسط، وأن يتم استبدالها بجهود دبلوماسية جادة لحل الصراع الفلسطيني بشكل دائم.