SWED 24: كيف تحول رجل غير معروف للشرطة إلى منفذ أسوأ عملية إطلاق نار جماعي في تاريخ السويد؟ هذا هو السؤال الذي تسعى السلطات للإجابة عليه بعد المجزرة المروعة التي شهدتها مدرسة كامبوس ريسبيرجسكا في أوربرو، حيث قتل ريتشارد أندرسون، 35 عامًا، عشرة أشخاص قبل أن يطلق النار على نفسه.
حتى الآن، لا تزال الدوافع غير واضحة، حيث أعلنت الشرطة في البداية أن الهجوم لم يكن بدوافع أيديولوجية، لكنها لاحقًا أكدت أنها تواصل تحقيقاتها لمعرفة ملابسات الحادث وما إذا كان هناك متورطون آخرون.
عزلة مطلقة وسجل خالٍ من الجرائم
نشأ ريتشارد أندرسون، الذي كان يُعرف سابقًا باسم جوناس سيمون، في أوربرو، حيث التحق بمدرسة نافيت، لكنه كان طالبًا منعزلًا واجتماعياً متحفظاً. مع تقدمه في العمر، أصبح أكثر انطوائية، وبدأ في الإبتعاد عن زملائه وعائلته تدريجيًا.
يقول أحد زملائه السابقين في المدرسة: “في الإعدادية، توقف عن التحدث تمامًا، لم يكن يمكن التواصل معه. كان يسير دائماً وهو يغطي وجهه بيده ويرتدي غطاء رأس مرفوعاً”.
في الثانوية، التحق ببرنامج دراسي فردي في مدرسة فادكوبينغ الثانوية، لكنه لم يتمكن من تحقيق نجاح أكاديمي يُذكر، حيث حصل على درجات ضعيفة، باستثناء بعض المواد مثل علم النفس والتاريخ والفنون.
حياة بلا أثر.. بلا عمل أو علاقات اجتماعية
بعد تخرجه، اختفى أندرسون عن الأنظار تقريباً. لم يُسجل في الخدمة العسكرية بسبب عدم حصوله على مؤهل ثانوي، ولم يكن لديه أي وظيفة رسمية في القطاعين الحكومي أو الخاص. لم يتزوج ولم يكن لديه أطفال، وعاش حياة منعزلة تماماً.
في عام 2010، انتقل للعيش بمفرده في شقة وسط أوربرو، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى شارع ستورغاتان، حيث عاش حتى يوم ارتكاب المجزرة. لم يُسجل أي دخل رسمي منذ عام 2014، باستثناء عام 2017، حيث حصل على 122,085 كرونة كأرباح رأسمالية، يُعتقد أنها من استثمارات مالية.
تغيير الاسم.. قطيعة مع الماضي
في عام 2017، غير جوناس سيمون اسمه إلى ريتشارد أندرسون، وهو الاسم الذي كان يحمله والده قبل الزواج. وبحسب أقاربه، فقد ازداد انعزاله خلال السنوات الأخيرة، حتى أنه لم يعد يحضر المناسبات العائلية.
يقول أحد أفراد أسرته: “كان شخصًا منطويًا، ولم يكن لديه أي أصدقاء على الإطلاق. في طفولته كان طبيعيًا، لكنه انسحب تدريجيًا من المجتمع. في آخر مرة رأيناه، بالكاد نطق بكلمة”.
تحقيقات مكثفة.. الشرطة تبحث عن إجابات
بعد الهجوم، داهمت الشرطة شقة أندرسون في محاولة لفهم دوافعه، حيث قامت بتفتيش أجهزته الإلكترونية بحثًا عن أي دليل قد يفسر تصرفاته.
يقول روبيرتو إيد فوريست، قائد شرطة أوربرو: “ما زلنا نحاول رسم صورة كاملة عن الجاني. كان واضحًا أنه كان مُصرًا على تنفيذ هجومه وكان بحوزته سلاح ناري”.
حتى الآن، لم تجد الشرطة أي صلات تربطه بجماعات متطرفة، لكنها لم تستبعد احتمال وجود مخطط أوسع وراء الجريمة، مؤكدة أنها ستكشف عن مزيد من التفاصيل فور توفرها.
بينما تواصل السلطات تحقيقاتها، لا يزال المجتمع السويدي في حالة صدمة، متسائلًا: كيف لشخص قضى حياته في الظل أن يرتكب واحدة من أسوأ الجرائم في تاريخ البلاد؟