كشف تقرير حديث صادر عن مصلحة الهجرة السويدية عن التطورات في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث يواجه البلد مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والأمني وسط تحديات هائلة تتعلق بالأوضاع الإنسانية والاقتصادية.
انهيار النظام الأمني وتغيير في هياكل الدولة
وفقًا للتقرير، فقد أدى سقوط النظام إلى تفكك الأجهزة الأمنية السابقة، مع إلغاء التجنيد الإجباري واستبداله بتجنيد اختياري ضمن قوات جديدة تخضع لقيادة وزارة دفاع شكلتها هيئة تحرير الشام (HTS). وأصبحت هناك حرية تنقل أكبر داخل البلاد وعبر الحدود، حيث لم يعد يتطلب السفر أي موافقات أمنية مسبقة، فقط وثائق سفر صالحة.
التحديات الأمنية: تهديدات من الجماعات المسلحة والفوضى السياسية
رغم هذه التغييرات، لا تزال البلاد تعاني من حالة عدم استقرار أمني حاد، حيث تتنافس عدة جهات مسلحة للسيطرة على المناطق المختلفة. ويوضح التقرير أن المناطق الساحلية في اللاذقية وطرطوس شهدت خلال الأسبوع الماضي تصاعدًا خطيرًا في العنف الطائفي، حيث أدت الاشتباكات بين قوات موالية للنظام السابق وقوات أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام إلى مذابح انتقامية طالت مئات المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال.
ووفقًا للمصادر، فإن مقاتلين أجانب، بعضهم مدعوم من تركيا، متورطون في هذه الهجمات التي خلفت دمارًا واسعًا في عشرات القرى والبلدات.
الوضع الإنساني: أزمة متفاقمة واحتياجات ضخمة
يشير التقرير إلى أن الحرب دمرت بشكل كبير البنية التحتية الأساسية للبلاد، حيث يعاني 90% من السكان من الفقر، بينما نصف السكان لا يحصلون على مياه نظيفة. كما أن قطاع الطاقة تعرض لانهيار شبه كامل، حيث انخفضت القدرة الإنتاجية إلى أقل من 20% من مستواها السابق.
إلى جانب ذلك، يواجه القطاع الصحي نقصًا كارثيًا في الخدمات الطبية، ما يزيد من المخاطر الصحية في البلاد. كما أن ملايين الأشخاص لا يزالون نازحين، حيث عاد 300 ألف لاجئ فقط من الخارج، بينما عاد 830 ألف نازح داخليًا إلى مناطقهم الأصلية، وفقًا لتقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
الانقسامات السياسية والمخاوف من عودة الاستبداد
رغم تشكيل حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع، إلا أن التقرير يحذر من أن هذه الحكومة التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام لا تزال تعتمد على إيديولوجية إسلامية متشددة، مما يثير قلق شرائح واسعة من السوريين، لا سيما الأقليات العلوية والمسيحية والدرزية، بشأن مستقبلهم في البلاد.
ويؤكد التقرير أن المعارضة الداخلية للحكومة المؤقتة آخذة في التزايد، حيث تعالت الأصوات المطالبة بضمانات حقيقية لحقوق المرأة والأقليات، إضافة إلى تشكيل جيش وطني يشمل جميع مكونات الشعب السوري.
التوترات الإقليمية وتدخلات القوى الخارجية
لم يقتصر الوضع في سوريا على الصراعات الداخلية فقط، بل شهدت البلاد تدخلات إقليمية متزايدة. فقد كثّف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية على مواقع عسكرية في دمشق ودرعا، مستهدفًا مستودعات أسلحة ومواقع لميليشيات موالية لإيران.
من جهة أخرى، تشهد مناطق شمال سوريا تصعيدًا عسكريًا بين القوات التركية والفصائل الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في البلاد.
يؤكد تقرير مصلحة الهجرة السويدية أن سوريا تمر بمرحلة غير مسبوقة من الفوضى وعدم الاستقرار، مع تحديات هائلة تتطلب جهودًا دولية وإقليمية لضمان مستقبل آمن ومستقر للبلاد. ومع تصاعد العنف في المناطق الساحلية وتدهور الوضع الإنساني، تبقى آفاق الحل السياسي غير واضحة، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة الحكومة المؤقتة على توحيد البلاد ومنع انزلاقها مجددًا في مستنقع الحروب الطائفية والمسلحة.
كيف تعالج السويد قضايا السوريين حتى تاريخ صدور التقرير؟
وفقًا للمعلومات المتاحة من مصلحة الهجرة السويدية (Migrationsverket)، يتم التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من السوريين وفقًا للإجراءات والسياسات المعمول بها لجميع طالبي اللجوء. يُمنح الأفراد الذين يحصلون على وضعية لاجئ تصريح إقامة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات، مع إمكانية التقدم للحصول على تصريح إقامة دائمة إذا تمكنوا من تأمين وسيلة للعيش عند انتهاء صلاحية التصريح المؤقت.
بالنسبة للأشخاص الذين يحصلون على حماية بديلة، يتم منحهم تصريح إقامة لمدة 13 شهرًا. في حال استمرار الحاجة إلى الحماية بعد انتهاء هذه الفترة، يمكن تمديد تصريح الإقامة.
في حالة رفض طلب اللجوء، يمكن لطالب اللجوء قبول القرار والمغادرة الطوعية من السويد، أو الطعن في القرار أمام محكمة الهجرة. إذا تم تأييد قرار الرفض بعد الاستئناف، يصبح القرار نافذًا ويجب على الفرد مغادرة البلاد.
من المهم ملاحظة أن مصلحة الهجرة السويدية قد تصدر قرارًا بوقف مؤقت لتنفيذ عمليات الترحيل إلى بلد معين إذا تدهور الوضع الأمني فيه بشكل مفاجئ. خلال فترة سريان هذا القرار، لا يتم تنفيذ قرارات الترحيل أو المغادرة القسرية إلى ذلك البلد.
لمزيد من المعلومات والتحديثات حول سياسات اللجوء والإقامة، يُنصح بزيارة الموقع الرسمي لمصلحة الهجرة السويدية.