في السويد قابلت طبيب جراح عراقي، يعمل سائق تكسي. وقابلت مهندسان عراقيان يقودان باص نقل الركاب، وقابلت أمرأة عراقية مهندسة كومبيوتر تعمل في تنظيفات المستشفى.
عندما تحل ضيفاً على اي بيت او مدينة او دولة، فإنك تتحلى بأخلاقك، وتحاول جاهداً ان تُطبق مقولة ( يا غريب كُن أديب ). وهذا ما عاهدت نفسي عليه بعد وصولي إلى مملكة السويد سنة 2007 .
وحاولت جاهداً ايضاً أن املك مفتاح الدخول للمجتمع، المفتاح الذي يفتح الأبواب المغلقة، ويُمهد لك الاندماج في المجتمع الجديد. وأنا أقصد اللغة السويدية، لأنها مفتاح للدخول للمجتمع، فبدون اللغة لا تستطيع أن تتفاهم. لا تستطيع أن تُعبر عن ما تشعر به، او ان تنقل أفكارك. بالمقابل لا تستطيع أن تفهم المجتمع من حولك لأنك لا تفهم لغتهم، لهذا كنت أحث طلابي من متعلمي اللغة السويدية، بأن يتعلموا اللغة السويدية بكل ما أوتوا من عزم وقوة.
وبعد أن يتعلم المهاجر اللغة، عليه ان يجد عملاً على الرُغم من صعوبة الحصول عليه في مملكة السويد، إلا أنه هدف سيباركه الله اذا سعى المهاجر إليه.
وأي عمل تجتمع فيه نقطتين، فهو عمل لا يمكنك رفضه. وأقصد بالنقطتين:
أن يكون العمل غير مخالف لشرع الله عز وجل. وإن لا يخدش حياء المؤمن او ينتقص من كرامته. هو عمل يباركه الله ورسوله لا شك فيه ولا لبس.
هنا في السويد قابلت طبيب جراح عراقي، يعمل سائق تكسي. وقابلت مهندسان عراقيان يقودان باص نقل الركاب، وقابلت أمرأة عراقية مهندسة كومبيوتر تعمل في تنظيفات المستشفى.
كل الأشخاص اللذين قابلتهم، عملوا في غير اختصاصهم، لأن الحصول على عمل في نفس الاختصاص وان كنت بارع فيه، كالبحث عن إبرة في صحراء شاسعة! وأنا اتحدث عن مملكة السويد، وربما يختلف هذا الأمر بين دولة أوربية واخرى!
لماذا لا يعمل المهاجرون في السويد في اختصاصاتهم؟!
هذا سؤال جوابه واسع جداً، لكنني يمكنني تلخيصه:
السويد لا تحترم الشهادات من خارجها! بل تحترم الشهادات الصادرة منها.
بعض المهاجرين يجد صعوبة في تعلم اللغة بسبب العمر، فهو بعمر ٦٠ سنة، كيف له أن يتعلم لغة جديدة تحتاج منه إلى الوقت والجهد وسن التقاعد في السويد ٦٥ سنة!!!.
وهناك سبب آخر، هو أن المهاجر نفسه، لا يتقبل احياناً العمل لأسباب منها ( اني عراقي، والله عيب أشتغل هاي الشغلة) ، هو لا يتقبل أن يعمل لكنه يتقبل أن يمد يده كل شهر للحصول على الاعانة الشهرية.
– أكلك أبو إلسا، هاي أم جبار مطلعيلها شغل.
— شنو نوع الشغل؟!
– Målare
– أهاا، يعني تصبغ بيوت، حلوة هاي الشغلة.
— شو أم جبار رفضت!!!
– ليش؟
— أتكول ما أعرف!
– وانتة شكلتلها؟!
— كلتلهة شلون متعرفين، لعد هذا وجهج ياهوة اللي يصبغة يومية الصبح قبل لا تروحين لمدرسة اللغة السويدية؟!!!
من يوميات أبو جبار