SWED24: لمدة ثلاثة أيام، لم تتوقف حميدة جعفري عن الاتصال بالسلطات، بحثاً عن زوجها المفقود. لكن الإجابة التي كانت تخشاها جاءت أخيراً، عندما طرق ضابطان باب منزلها يوم الجمعة، قائلين لها: “زوجك قُتل في هجوم ريسبيرجسكا”.
حميدة، 29 عامًا، لا تزال غير قادرة على استيعاب الخبر.
تقول بحزن: ” ما زلت أتصل بهاتفه.. لا يزال يعمل، لا يزال يرن”.
رحلة لم تكتمل.. من أجل مستقبل أفضل
كان علي محمد جعفري يدرس في مدرسة ريسبيرجسكا، وكان يخطط للعمل كمنظف لكسب لقمة العيش وإعالة عائلته. يوم الثلاثاء الماضي، خرج كعادته في الصباح، وكان من المفترض أن يعود إلى المنزل في الساعة 17:30، كما اعتاد دائماً.
“لكن في ذلك اليوم، لم يعد”، تروي حميدة.
بحلول الساعة التاسعة مساءً، شعرت بالقلق وأبلغت الشرطة عن اختفائه. ومنذ تلك اللحظة، بدأت رحلة من القلق والتوتر، اتصلت خلالها عشرات المرات بالشرطة والمستشفى، بل حتى ذهبت بنفسها إلى مركز الشرطة بحثًا عن أي إجابة.
“كل ما كانوا يقولونه لي هو: انتظري. لكن كيف لي أن أنتظر، وزوجي مفقود؟”
ثم جاء الخبر الذي قلب حياتها رأسًا على عقب.
“في الساعة الرابعة من عصر الجمعة، جاء رجل وامرأة من الشرطة إلى منزلي. أدخلوني إلى غرفة النوم وقالوا لي ببساطة: زوجك قد توفي”.
“أمي، لا تدرسي.. لا نريد أن نفقدك أيضاً”
لدى حميدة طفلان، يبلغان من العمر ثمانية وأحد عشر عاماً، لم يتمكنا من استيعاب فقدان والدهما.
تقول حميدة: “إنهم لا ينامون. يبقون مستلقين في السرير، ينظرون إلى صور والدهم ويبكون”.
كما بدأ الأطفال في القلق على والدتهم، التي تدرس حالياً لتصبح مساعدة تمريض وتتقن اللغة السويدية.
يقول الأطفال لأمهم: “أمي، لا تذهبي للدراسة بعد الآن.. لقد مات والدي، لا نريد أن نفقدك أيضاً”.
الهروب من الحرب.. إلى المأساة في السويد
كل من علي وحميدة من أفغانستان، حيث التقيا هناك وتزوجا، لكنهما اضطرا للفرار بسبب الصراع وعدم الاستقرار. رحلتهما نحو الأمان قادتهما أولًا إلى إيران، ثم إلى السويد، حيث كانا يأملان في بناء حياة جديدة أكثر استقرارًا.
تقول حميدة بصوت يملؤه اليأس: “لقد جئت من الحرب، والآن أجد نفسي في كابوس جديد. لا أعرف ماذا سأفعل بعد ذلك”.
مجزرة أوربرو لم تؤثر فقط على عائلة حميدة، بل زرعت الخوف في قلوب كثيرين من معارفها أيضًا.
تضيف حميدة، قائلة: “جاء العديد من الأصدقاء لزيارتي أمس. لكنهم قالوا لي: لن نحضر الجنازة.. فقد يأتي شخص آخر ويطلق النار علينا”.
وعلى الرغم من أن حميدة طلبت من الشرطة توفير الحماية لها ولعائلتها، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى الآن.
أسئلة بلا إجابات.. وهاتف لا يزال يرن
بينما تحاول التأقلم مع خسارتها المفجعة، تظل لدى حميدة أسئلة كثيرة بلا إجابة.
فالشرطة تحتفظ بهاتف زوجها، لكنها لا تعرف لماذا.
تقول حميدة: ” ما زلت أتصل به، ولا يزال الهاتف يعمل.. لكن لا أحد يجيب”.
وفي أعماقها، لا تزال تبحث عن تفسير لما حدث.
“أريد أن أعرف: ماذا حدث في ذلك اليوم؟ ماذا جرى لزوجي؟ وماذا سأقول لعائلته وأطفالنا؟”
أسئلة قد لا تجد إجاباتها قريبًا، لكنها تظل جرحًا مفتوحًا في قلب أم وأطفال فقدوا الركيزة الأساسية في حياتهم.