SWED 24: يواصل قطاع الطيران الداخلي في السويد تسجيل انخفاض حاد في أعداد المسافرين، في ظل تراجع الطلب وارتفاع الأسعار. ورغم أن هذا الاتجاه يظهر في أجزاء مختلفة من أوروبا، إلا أن الانخفاض في السويد يعد من بين الأكبر في الاتحاد الأوروبي.
يقول جان ماري سكوجلوند، محلل سوق الطيران في هيئة النقل السويدية (Trafikverket): “ما نشهده هو انخفاض كبير للغاية”.
وشهد قطاع الطيران العالمي تراجعاً حاداً خلال جائحة كورونا، لكن بحسب سكوجلوند، فإن الطيران الداخلي في السويد كان قد بدأ في التراجع بالفعل منذ عام 2017، وهو ما تجلى بوضوح بين عامي 2018 و2019.
يوضح سكوجلوند، قائلاً: “يُقال إن الجائحة كانت سبب تراجع الطيران، لكننا لاحظنا بالفعل هذا الانخفاض في الرحلات الداخلية منذ خريف 2017، وتأكد بشكل واضح في 2018 و2019”.
السويد من بين الدول الأكثر تضررًا في الاتحاد الأوروبي
وفقًا لإحصاءات يوروستات (Eurostat)، فإن السويد من بين الدول الأوروبية الأكثر تضررًا من تراجع الطيران الداخلي، حيث انخفضت الرحلات الداخلية بنسبة 41 بالمائة بين عامي 2017 و2023. وفي المقابل، سجلت ألمانيا انخفاضًا بنسبة 52 بالمائة، بينما بلغ متوسط الانخفاض في الاتحاد الأوروبي 5 بالمائة فقط.
ورغم تسجيل تراجع مماثل في دول الشمال الأوروبي، إلا أن الانخفاض في السويد كان أكثر حدة، في حين أن دولًا مثل إسبانيا، إيطاليا، والبرتغال شهدت زيادة في عدد الركاب على الرحلات الداخلية.
لماذا يتراجع الطيران الداخلي في السويد؟
يرجع الخبراء التراجع الكبير في الطيران الداخلي بالسويد إلى عدة عوامل من بينها، نقص المنافسة وارتفاع الأسعار. تقلص عدد شركات الطيران الداخلية أدى إلى ارتفاع أسعار التذاكر، ما دفع المسافرين للبحث عن بدائل أخرى. في المقابل، توفر دول مثل إسبانيا سوقًا أكبر للطيران منخفض التكلفة، مما يعزز السفر الداخلي.
يقول سكوغجلوند: “الطيران الاقتصادي هو السبب الرئيسي لازدهار الرحلات الداخلية في إسبانيا، وهو ما نفتقده تمامًا في السويد”.
كما أن سلوك السفر في قطاع الأعمال تغير، حيث لم يعد السفر الجوي جزءًا أساسيًا من أعمال الشركات كما كان في السابق. فيما تراجعت الرحلات الجوية القصيرة بين مالمو، يوتوبوري وستوكهولم، والتي كانت تتم في نفس اليوم، بسبب تغير أنماط العمل والاعتماد الأكبر على الاجتماعات الرقمية.
بالإضافة الى زيادة الوعي البيئي والقيود الحكومية. فالتأثير البيئي للطيران أصبح عاملاً حاسمًا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسفر، كما أن العديد من البلديات والمؤسسات الحكومية اعتمدت سياسات جديدة لتقييد السفر الجوي في إطار الجهود البيئية.
يقول سكوجلوند: “الرأي العام يلعب دورًا مهمًا أيضًا، حيث يتزايد القلق بشأن تأثير الطيران على المناخ”.
رغم انخفاض الطيران الداخلي، لا يزال السويديون يسافرون إلى الخارج. فقد بدأت الرحلات الدولية بالتعافي تدريجيًا، ولو أنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الجائحة.
ما هي التداعيات المحتملة لهذا التراجع؟
ارتفاع تكاليف تشغيل المطارات. يقول سكوجلوند: “سيصبح من الصعب للغاية الحفاظ على البنية التحتية للطيران في السويد، وهو أمر بالغ الأهمية، لا سيما في حالات الطوارئ”.
وتمتلك السويد 27 مطارًا احتياطيًا مخصصًا لحالات الطوارئ، مثل نقل المرضى أو خدمات الإنقاذ، ولكن استمرار التراجع في الطيران الداخلي يجعل تمويل هذه المطارات أكثر تكلفة.
ووفقًا لمنظمة المطارات الإقليمية السويدية، فإن العجز المالي في المطارات الصغيرة يتفاقم.
يقول بيتر لارسون، الرئيس التنفيذي للمنظمة: “المطارات الصغيرة تواجه ضغوطًا مالية شديدة. انخفاض عدد المسافرين يعني تراجع العائدات، مما يجعل من الصعب تحقيق التوازن المالي”.
المناطق الشمالية من السويد، حيث المسافات طويلة جدًا ولا توجد بدائل مثل القطارات، تعتمد بشكل كبير على الطيران الداخلي.
يقول لارسون: “في بعض المناطق مثل شمال السويد، يعتبر الطيران جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للنقل، وهناك حاجة للحفاظ عليه”.
هل يمكن عكس هذا الاتجاه؟
يرى الخبراء أن التراجع لن يتوقف قريبًا، ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية لدعم القطاع، مثل:
✅ زيادة الدعم الحكومي للمطارات الإقليمية.
✅ تعزيز الابتكار في الطيران منخفض الانبعاثات لضمان استدامة السفر الجوي.
✅ تحفيز المنافسة في السوق الداخلية لتخفيض الأسعار.
يوضح سكوجلوند، قائلاً: “علينا أن نثبت أن الطيران يمكن أن يكون أكثر استدامة، وأن نصل إلى انبعاثات صفرية في المستقبل. ولكن إذا استمر تراجع الطيران الداخلي، فقد يصبح هذا التحول صعبًا للغاية”.