مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس عن رأي SWED 24
رأي: مع اقتراب موعد الانتخابات السويدية، يزداد الحديث عن اللاجئين في السويد والدور الذي يشكلونه في المجتمع. والصورة التي تعكسها النقاشات الدائرة بين قادة الأحزاب البرلمانية والتي يتأثر بها الناخب السويدي بشكل كبير تتعامل للأسف مع اللاجئين كجزء من المشكلة وليس جزء من الحل، وكأن ما تواجهه البلاد من معوقات على الصعيدين الوطني والدولي ينحسر فقط بوجود اللاجئين فيها.
وبغض النظر عما تسببه هذه النغمة المستمرة من يأس وإحباط وحتى غضب بين صفوف اللاجئين كون الكثير منهم ذاقوا الأمرين حتى تمكنوا من الاندماج بمجتمعهم الجديد وتعلم اللغة السويدية والدخول الى سوق العمل والمنافسة بما يملكونه من خبرات ومهارات وهي ليست بالقليلة مع نظرائهم السويديين، بغض النظر عن ذلك كله، فأن النظر الى وجود اللاجئين في البلاد كمشكلة وليس كشريحة ناشطة تحقق الكثير من المنافع أمر بعيد كل البعد عن الواقع. فالحقيقة ليست كذلك مطلقاً.
قد يكون صحيحاً أن ان حوادث إطلاق النار والعصابات الاجرامية المنظمة تنشط أكثر بين صفوف الشباب الأجانب، لكن المنخرطين في تلك العصابات لا يمثلون الأغلبية المهاجرة، الذي نجح قسم كبير منه في شق طريقه وتحدي الكثير من العقبات، كما أن الجريمة امر غير متعلق باللاجئين بصفتهم لاجئين بل بالظروف الموضوعية التي تحيط بالفرد وبالأوضاع السياسية والاقتصادية وسياسة الاندماج التي تعتمدها البلاد، لذا فأن حصر الجريمة باللاجئين فقط أمر غير مقبول، كون الجريمة لا جنسية لها.
مقابل ذلك، تشير لغة الأرقام التي لا تقبل خطأً والتي يتم تجاهلها بشكل كبير الى ان اللاجئين يشكلون فئة كبيرة من قطاعات العمل الحية التي تدير دفة البلاد ابتداءً من أعلى المناصب تلك التي تحتاج الى خبرات وكفاءات عالية وانتهاءً بالوظائف الخدمية التي لا تقل أهمية عن ذلك.
وبحسب الاحصائيات السويدية، فأن 11.5 بالمائة من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 349 عضواً والذين جرى انتخابهم في عام 2018 هم أشخاص ينحدرون من أصول أجنبية، فيما يسجل عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية ما يزيد عن 26 بالمائة من المجموع الكلي، إذ يشكل الأطباء الأجانب نحو 34 بالمائة من المجموع الكلي للأطباء العاملين في السويد والعاملين في مجال التمريض نحو 12% والممرضين المساعدين نحو 26 بالمائة.
وفي مجال التعليم، ووفقاً لإحصائيات SCB Yrkesregistret، ارتفعت نسبة العاملين في هذا القطاع في عام 2018 الى نحو 34 بالمائة، أي ما يزيد عن ثلث المجموع الكلي للعاملين في المدارس، والنسبة في زيادة مستمرة.
ومقابل هذه الأعداد بالطبع سيكون هناك أرقام ونسب تشير الى أشخاص من أصول اجنبية عاطلين عن العمل.
وهناك ارقام كثيرة أخرى تتحدث عن أعداد الأجانب العاملين كسائقي باصات وسيارات الأجرة والعاملين في مجال المطاعم والخدمات وصالونات الحلاقة وغيرها.
وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء المركزي في السويد، فأن عدد نفوس البلاد يزيد عن الـ 10 مليون نسمة، يشكل اللاجئين 2090503 شخصاً منهم أي نحو 20 بالمائة من المجموع الكلي، حيث يبلغ عدد النساء الاجنبيات نحو 1038105 نسمة فيما يبلغ عدد الرجال الأجانب نحو 1052398 شخصاً.
وما تعنيه تلك الأرقام والتي للأسف لا نراها حاضرة في أحاديث ونقاشات السياسيين الا ما قل وندر هي ان اللاجئين أشخاص فعالين في هذا المجتمع وليسوا علة عليه، بل يمكن للمرء القول إنهم اساسيون في إدارة دفة الأمور ولولاهم لما كان للبلاد تسيير امورها كما تفعل الآن.