SWED24: في تحول غير مسبوق، باتت العصابات الإجرامية في السويد تعرض خدمات العنف والقتل بعقود رقمية وبأسعار ثابتة، مستغلة المنصات المشفرة للتواصل مع منفذين محتملين دون الكشف عن هوياتهم.
50 ألف كرونة مقابل تنفيذ تفجير.. 100 ألف كرونة لعملية قتل. هكذا يتم تسعير الجرائم في منشورات سرية على الإنترنت، حيث يُعلن مجرمون عن استعدادهم لتنفيذ الهجمات، فيما يبحث آخرون عن منفذين مقابل أجر.
“نبحث عن شباب وفتيات لتحقيق أرباح ضخمة مع أقل قدر من المخاطر”، جاء في إحدى إعلانات التجنيد التي حصلت عليها TV4 Nyheterna، مما يعكس الآلية الحديثة التي تعتمدها العصابات لجذب عناصر جديدة عبر الإنترنت.
من أبواب الأحياء الخطرة.. إلى التجنيد الرقمي بنقرة واحدة
في السابق، كان الدخول إلى عالم الجريمة يتطلب اتصالات شخصية ومواجهة مباشرة مع مجرمين متمرسين. أما اليوم، فقد أصبحت روابط الدردشة المشفرة بوابة سريعة للانخراط في الأنشطة الإجرامية، حيث يتم تداول عقود القتل والتفجيرات بلمسة زر.
تكشف تحقيقات الشرطة أن الشباب المحتاجين إلى المال بشكل عاجل يعرضون أنفسهم كمنفذين للجرائم، بمقابل مالي محدد سلفًا.
إحدى القضايا التي كشفت هذا النهج تتعلق برجل يبلغ من العمر 22 عامًا، حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة التهديد الجسيم وحيازة أسلحة نارية، بعدما أطلق النار داخل منزل عائلة في نكا (Nacka) جنوب ستوكهولم.
لم يكن له أي علاقة بالعائلة المستهدفة، بل كانت جريمة مأجورة ضمن “سلسلة أعمال” نفذها مقابل أجر، ما يعكس كيف أصبحت الجرائم تُدار بأسلوب المقاولات.
إعلانات القتل.. تنفيذ الجريمة مقابل أجر محدد مسبقاً
تُظهر بيانات التحقيقات أن المتهم استخدم تطبيق “تيليغرام” المشفر للإعلان عن استعداده لتنفيذ هجمات مسلحة وتفجيرات مقابل المال.
في إحدى المنشورات، كتب بجانب صورته: “50 ألف كرونة مقابل المعلومات! 300 ألف كرونة للقتل!! أعيش في ستوكهولم!”
استخدم الجناة لغة مشفرة، حيث كانت كلمة “جابينغ” تعني القتل، بينما تعني عبارة “رمي التفاح” إلقاء القنابل اليدوية.
كما كشفت التحقيقات عن مجموعات دردشة سرية تستخدم لتجنيد عناصر جديدة، وغالبًا ما يتم استهداف القُصر، لكن بعض الإعلانات توجهت أيضًا إلى البالغين، كما جاء في أحد المنشورات التي اطلعت عليها TV4: “نبحث عن شباب فوق 18 عامًا، رجالًا ونساءً من جميع الأعمار لتحقيق أرباح ضخمة بأقل المخاطر. التحويلات تتراوح بين 100-500 ألف كرونة… جميع المدن مؤهلة، كل شيء يتم رقميًا، ولا حاجة للاجتماعات المباشرة. كل ما تحتاجه هو هوية مصرفية وعمر 18 عامًا أو أكثر”.
تسعيرة الجريمة.. أرخص في السويد مقارنة بالدنمارك
توضح إحدى المنشورات الأسعار المعروضة لتنفيذ الجرائم في مواقع مختلفة، حيث يختلف السعر حسب البلد المستهدف:
- 500 ألف كرونة مقابل تنفيذ جريمة قتل في الدنمارك.
- 100 ألف كرونة مقابل تنفيذ نفس الجريمة في السويد.
- 200 ألف كرونة لإلقاء قنبلة يدوية في الدنمارك.
- 50 ألف كرونة لإلقاء قنبلة يدوية في السويد.
يطلق على المنفذين لقب “klivare – الكليفاري”، وهم الأشخاص الذين يقبلون تنفيذ الجرائم مقابل المال.
المتهم في قضية نكا كان أحد هؤلاء “الكليفاري”، حيث طلب بنفسه فرصة لتنفيذ تفجير، وكتب في إحدى المحادثات: “أحتاج إلى المال بشكل عاجل بسبب مشكلة عائلية، أي مهمة متاحة سأقوم بها، أعيش في ستوكهولم ويمكنني التنفيذ فوراً”.
ولكن بعد تنفيذ الهجوم، لم يحصل على أجره، حيث أرسل رسالة عبر تطبيق “سيجنال” يعبر فيها عن خيبة أمله بعد خداعه من قبل مشغليه: “لقد خدعوني.. نفذت المهمة أمس ولم أتلقّ المال، هاهاها!”.
الحكومة السويدية تتحرك.. وتحقيقات موسعة حول تجنيد الشباب إلكترونيًا
أمام تصاعد هذه الظاهرة الخطيرة، قررت الحكومة السويدية تكليف المجلس الوطني لمنع الجريمة (Brå) ومعهد FOI للأبحاث الدفاعية بإجراء تحقيق معمّق حول أسباب انخراط الشباب في الجريمة عبر الإنترنت، بهدف وضع استراتيجيات جديدة للحد من هذه الظاهرة.
ومع استمرار العصابات في تطوير أساليبها الرقمية في استقطاب منفذي الجرائم، تواجه السلطات تحديًا غير مسبوق في تتبع هذه الشبكات وفك رموز أنشطتها السرية، وسط مخاوف من تحوّل العنف المنظم إلى سوق رقمية مفتوحة يصعب السيطرة عليها.